م. فواز الحموري
أقرب إلى كل التفاصيل المرهقة، وأقرب إلى الهموم اليومية للمواطن، وأقرب إلى الأحداث المحلية والخارجية، يتجدد مفهوم الصحة النفسية ويتأكد مع خضم الثقل الذي يشعر به معظم من يتعبهم قلبهم وبالهم وجسدهم.
ليس بمناسبة يوم الصحة النفسية، الذي يصادف العاشر من شهر تشرين أول، ولكن ومع مضمون ما يلاحق الفكر والخاطر والوجدان مع أسلوب عيش الحياة، وسبل المواجهة للمواقف والتحديات، يتجدد السؤال عن طبيعة الصحة النفسية التي نحتاج جملة ما نتعرض له من تغيرات ومفارقات كل لحظة من ثنايا التعب والجهد والركض المتواصل وملاحقة ما يجري وفي الاتجاهات كافة.
قبل فترة ليست بالقصيرة، وبمناسبة يوم المسنين، وبحسب الاستراتيجية الوطنية لكبار السن للأعوام 2018 – 2022 ما زالت تواجهُ فئة كبار السن في مجتمعنا تحديات تحولُ دون إدماجهم في العديدِ من مجالاتِ الحياةِ؛ ومن تلك التحديات في المجال الصحي وتوفير الخدمات الصحية وخدمات الرعايةِ المنزلية، وعدم وجود تخصصات في طب وتمريض الشيخوخة، والتحديات التي تواجههم في المجال البيئي، ومدى ملاءمة المباني والمرافق العامة واستخدامها من قبل كبار السن التي ما تزال غير ملائمة، إلى غيرها من التحديات التي تستوجب مواجهتها لتوفيرِ حياةٍ كريمةٍ ذات نوعيةٍ عاليةٍ لهم كالفقر والتقاعد وتوفير الدخل الآمن.
عقب ما ألقته جائحة كورونا على العالم من آثار، يواجه الجميع حول العالم، الحاجة للصحة النفسية وبدرجات متفاوتة من التأهيل والتدريب، ومن الدعم النفسي والاجتماعي، وأكثر من ذلك وأشمل لخدمات الرعاية والاهتمام.
الأزمة الأخلاقية بأشكالها كافة، إضافة إلى البطالة والإدمان والعنوسة والطلاق، وشتى أنواع المشاكل الاجتماعية، ما تزال تشغل بال العالم، وما تزال الحلول بعيدة المنال لتوفير قواعد جديدة من الصحة النفسية التي تعني بالضرورة الاستجابة لخصوصية أي من البنود التي تتعلق بالهموم وبشكل سليم وشامل.
يتسابق الثقل الاقتصادي مع التحدي الاجتماعي، ويلقي كل منهما آثاره على الآخر، وغالباً ما تلعب السياسة دورها في رسم التوافق والاختلاف والحوار والجدال، وغالبا ما تتصدر نتائج ذلك عبر هموم مشتركة خاصة وعامة، تصل إلى درجات من الأزمة والانفراج، وتبقى بعض القضايا عالقة ومؤجلة.
الصحة النفسية مطلب ضروري مع جميع ما يشغل البال ومع تعقيدات الحياة من تكنولوجيا واتصال ووسائل بديلة عن التواصل الاجتماعي السليم والقيم النبيلة والأخلاق الحميدة والأعراف الجميلة وجوانب عديدة تغيب معها الراحة النسبية والمطلقة.
عقب موجات جائحة كورونا المتتالية، ظهرت العديد من الدروس المستفادة والظروف الطارئة والبدائل المناسبة، والتوافقات والاعتراضات. ولكن ثمة جوانب نفسية عديدة خلفتها الجائحة، جنبا إلى جنب مع العديد من التحديات النفسية السابقة والمتراكمة، التي تحتاج جميعها إلى متابعة نفسية شاملة.
راحة البال، غاية يمكن تحقيقها بدرجات من الوعي والقناعة والتفهم والتضحية والإيثار والرضا، وهدف يمكن الوصول إليه من خلال التدبر والترفع والاعتدال والصبر والاحترام والتقدير.
لا تقدم الصحة النفسية حلولا سحرية، كما لا تفعل السياسة ذلك، ولكن ومن خلال وسائل عديدة يمكن مواجهة الصعوبات النفسية وأهمها البدء بالاعتراف والتقبل والمعالجة والصبر للتعافي والخروج بأقل الاضرار.
شعارات عديدة يمكن إطلاقها مع يوم الصحة النفسية ومنها هذا العام: الرعاية النفسية للجميع، وهو شعار ومطلب ضروري؛ صحتنا النفسية السبيل المناسب لتجاوز الكثير من العقبات والهموم والمتاعب!
[email protected]